كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والجواب عن هذا الذي ذكرنا من اختلاف الروايات: أن حديث ابن عباس الذي فيه أنهم مشوا ما بين الركنين كان في عمرة القضاء في ذي القعدة عام سبع، وما في الروايات الأخرى من الرمل في كل شوط من الحجر إلى الحجر في حجة الوداع، كما أجاب بهذا غير واحد.
وقال النووي في شرح مسلم: إن رمله صلى الله عليه وسلم في كل الشوط من الحجر إلى الحجر في حجة الوداع، ناسخ للمشي بين الركنين الثابت في حديث ابن عباس لأنه متأخر عنه، والمتأخر ينسخ المتقدم.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: لا يتعين النسخ الذي ذكره النووي، لما تقرر في الأصول عن جماعة من العلماء، أن من الأفعال لا تعارض بينها، فلا يلزم نسخ الآخر منها للأول، بناء على أن الفعل لا عموم له، فلا يقع في الخارج إلا شخصيًّا لا كليًّا، حتى ينافي فعلًا آخر، فجائز أن يقع الفعل واجبًا في وقت، وفي وقت آخر بخلافه.
قال ابن الحاجب في مختصره الأصولي: مسألة الفعلان لا يتعارضان كصوم وأكل، لجواز تحريم الأكل في وقت، وإباحته في آخر. إلخ.، ومحل عدم تعارض الفعلين المذكور ما لم يقترن بالفعلين، قول يدل على ثبوت الحكم، وإلا كان آخر الفعلين ناسخًا للأول عند قوم، وعند آخرين لا يكون ناسخًا، كما لو لم يقترن بهما قول، وعن مالك والشافعي يصار إلى الترجيح بين الفعلين، إن اقترب بهما القول وإن لم يترجح أحدهما، فالتخيير بينهما مثال الفعلين اللذين لم يقترن بهما قول يدل على ثبوت الحكم مشيه صلى الله عليه وسلم بين الركنين اليمانيين ورمله في غير ذلك من الأشواط الثلاثة الأول في عمرة القضاء، مع رمله في الجميع في حجة الوداع، ومثال الفعلين اللذين اقترن بهما قول يدل على ثبوت الحكم صلاته صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف على صفات متعددة، مختلفة كما أوضحناه في سورة النساء، مع أن تلك الأفعال المختلفة اقترنت بقول يدل على ثبوت الحكم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» فالجاري على الأصول حسبما ذكرنا عن جماعة منهم: ابن الحاجب، والعضد، والرهوني، وغيرهم أن طواف الأشواط كلها ليس ناسخًا للمشي بين الركنين، وأن صيغة صلاة الخوف فيها الأقوال المارة قيل كل صورة بعد أخرى، فهي ناسخة لها، وقيل كلها صحيحة لم ينسخ منها شيء وقيل: بالترجيح بين صورها، وإن لم يترجح واحد، فالتخيير. وإلى هذه المسألة أشار صاحب مراقي السعود بقوله:
ولم يكن تعارضُ الأفعال ** في كل حالة من الأحوال

وإن يكُ القولُ بحكم لامعا ** فآخر الفعلين كان رافعا

والكل عند بعضهم صحيحُ ** ومالكٌ عنه روى الترجيح

وحيثما قد عدم المصير ** إليه فالأولى هو التخيير

وقال صاحب الضياء اللامع شرح جمع الجوامع:
تنبيه:
لم يتعرض المصنف للتعارض بين الفعلين، وصرح الرهوني وغيره، بأنه لا تعارض بينهما في الحقيقة سواء تماثل الفعلان، أو اختلفا، وسواء أمكن الجمع بينهما، أو لم يمكن لأن الفعل لا عموم له من حيث هو إذ لا يقع في الأعيان، إلا مشخصًا فلا يكون كليًّا حتى ينافي فعلًا آخر، فجاز أن يكون واجبًا في وقت مباحًا في آخر، وهذا ما لم يقترن بالفعل قول: يدل على ثبوت الحكم كقوله عليه الصلاة والسلام «صلوا كما رأيتموني أصلي» ورأوه صلى صلاة الخوف على صفات متعددة فقال الأبياري: هذا كاختلاف القولين على الصحيح، والمتأخر ناسخ، وقيل: يصح إيقاعها على كل وجه من تلك الوجوه، وبه قال القاضي: وللشافعي ميل إليه وقيل يطلب الترجيح، كما قال مالك والشافعي. انتهى محل الغرض منه.
والرمل: مصدر رمل بفتح الميم يرمل بضمها رملًا بفتح الميم ورملانًا: إذا أسرع في مشيته وهز منكبيه وهو في ذلك لا ينزو أي لا يثبت وأنشد المبرد:
ناقته ترمل في النقال ** متلف مال ومفيد مال

ومراده بالنقال: المناقلة، وهو أن تضع رجليها مواضع يديها، وهو دليل على أن الرمل فيه إسراع، وهو الخبب، ولذا جاء في بعض روايات الحديث: رمل وفي بعضها خب، والمعنى واحد.
الفرع الثالث: التحقيق أن الاضطباع يسن في الطواف، لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم.
قال أبو داود في سننه: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن ابن جريج، عن ابن يعلى عن يعلى، قال «طاف النَّبي صلى الله عليه وسلم مضطبعًا ببرد أخضر» حدثنا أبو سلمة موسى، ثنا حماد عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة، فرملوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، قد قذفهوها على عواتقهم اليسرى» انتهى منه.
وقال الترمذي في جامعه: حدثنا محمود بن غيلان، ن قبيصة، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عبدالحميد، عن ابن يعلى، عن أبيه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: «طاف بالبيت مضطبعًا، وعليه برد» قال أبو عيسى: هذا حديث الثوري عن ابن جريج لا نعرفه، إلا من حديثه، وهو حديث حسن صحيح وعبدالحميد هو ابن جبير بن شيبة، عن ابن يعلى، عن أبيه، وهو يعلي بن أمية. اهـ.
وقال ابن ماجه في سننه: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن يوسف وقبيصة قالا: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عبد الحميد، عن ابن يعلي بن أمية، عن أبيه يعلى «أن النَّبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعًا»
قال قبيصة: وعليه برد. انتهى منه. وقال النووي في شرح المهذب في حديث ابن عباس الذي ذكرناه آنفًا في الاضطباع عند أبي داود، وحديث ابن عباس هذا صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح، ولفظه: عن ابن عباس ثم ساقه كما سقناه آنفًا، ثم قال: ورواه البيهقي بإسناد صحيح قال عن ابن عباس: قال «اضطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه ورملوا ثلاثة أشواط ومشوا أربعًا» وعن يعلي بن أمية رضي الله عنه، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت مضطجعًا ببرد» رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجه بأسانيد صحيحة. وقال الترمذي: هو حديث حسن صحيح. وفي رواية البيهقي: «رأيت النَّبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت مضطبعًا» إسناده صحيح، وعن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول فيم الرملان والكشف عن المناكب، وقد وطد الله الإسلام، ونفى الكفر وأهله، ومع ذلك لا نترك شيئًا كنا نصنعه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البيهقي بإسناد صحيح. انتهى كلام النووي.
وبذلك تعلم سنية الاضطباع في الطواف، خلافًا لمالك ومن قال بقوله: إن الاضطباع ليس بسنة.
وصفة الاضطباع: أن يجعل وسط الرداء تحت كتفه اليمنى، ويرد طرفيه على كتفه اليسرى، وتبقى كتفه اليمنى مكشوفة وهو افتعال من الضبع بفتح الضاد، وسكون الباء بمعنى: العضد سمي بذلك للإبداء أحد الضبعين، والعرب تسمي العضد: ضبعًا ومنه قول طرفة في معلقته:
وإن شئت سامي واسط الكور رأسها ** وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد

تقول العرب: ضبعه إذا مد إليه ضبعه، ليضربه. ومنه قول عمرو بن شاس:
نذود الملوك عنكم وتذودنا ** ولا صلح حتى تضبعونا ونضبعا

أي تمدون أضباعكم إلينا بالسيوف، ونمد أضباعنا إليكم، وقيل: تضبعون أي تمدون أضباعكم للصلح والمصافحة. والطاء في الإضباع مبدلة من تاء الافتعال، لأن الضاد من حروف الإطباق على القاعدة المشار لها بقوله في الخلاصة:
طاتا افتعال رد إثر مطبق ** في أدان وازدد وادكر دالا بقى

الفرع الرابع: في كلام العلماء في الطواف هل يشترط له ما يشترط للصلاة من طهارة الحدث والخبث وستر العورة أو لا يشترط في الطواف أو لا يشترط ذلك؟
اعلم أن اشتراط الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة في الطواف هو قول أكثر أهل العلم، منهم مالك، وأصحابه، والشافعي، وأصحابه، وهو مشهور مذهب الإمام أحمد.
قال النووي في شرح المهذب: وحكاه الماوردي عن جمهور العلماء، وحكاه ابن المنذر في طهارة الحدث، عن عامة العلماء.
وخالف الإمام أبو حنيفة رحمه الله الجمهور في هذه المسألة، فقال: لا تشترط للطواف طهارة، ولا ستر عورة، فلو طاف جنبًا، أو محدثًا، أو عليه نجاسة، أو عريانًا صح طوافه عنده.
واختلف أصحابه في وجوب الطهارة للطواف، مع اتفاقهم على أنها ليست بشرط فيه. ومن أشهر الأقوال عندهم أنه إذا طاف طواف الإفاضة جنبًا، فعليه بدنة، وإن طافه محدثًا: فعليه شاة، وأنه يعيد الطواف بطهارة ما دام بمكة، فإن رجع إلى بلده، فالدم على التفصيل المذكور، واحتج الجمهور لاشتراط الطهارة للطواف، بأدلة.
منها: حديث عائشة المتفق عليه الذي ذكرناه سابقًا بسنده، ومتنه عند البخاري ومسلم: أن أول شيء بدأ النَّبي صلى الله عليه وسلم حين قدم «أنه توضأ، ثم طاف بالبيت» الحديث قالوا: فهذا الحديث الصحيح صرحت فيه عائشة رضي الله عنها، بأن النَّبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالوضوء قبل الطواف لطوافه، فدل على أنه لابد للطواف من الطهارة.
تفإن قيل: وضوءه صلى الله عليه وسلم المذكور في هذا الحديث، قد دل دليلان على أنه لازم، لابد منه.
أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع «خذوا عني مناسككم» وهذا الأمر للوجوب والتحتم، فلما توضأ للطواف لزمنا أن نأخذ عنه الوضوء للطواف امتثالًا لأمره في قوله «خذوا عني مناسككم».
والدليل الثاني: أن فعله في الطواف من الوضوء له، ومن هيئته التي أتى به عليها كلها بيان وتفصيل لما أجمل في قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُواْ بالبيت العتيق} [الحج: 29] وقد تقرر في الأصول أن فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم إذا كان لبيان نص من كتاب الله، فهو على اللزوم والتحتم. ولذا أجمع العلماء على قطع يد السارق من الكوع، لأن قطع النَّبي صلى الله عليه وسلم للسارق من الكوع بيان وتفصيل لما أجمل في قوله تعالى: {فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] لأن اليد تطلق على العضو إلى المرفق، وإلى المنكب.
قال صاحب الضياء اللامع في شرح قول صاحب جمع الجوامع: ووقوعه بيانًا ما نصه: الثاني: أن يكون فعله صلى الله عليه وسلم لبيان مجمل، إما بقرينة حال مثل القطع من الكوع، فإنه بيان لقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وإما بقول كقوله «صلوا كما رأيتموني أصلي» فإن الصلاة فرضت على الجملة، ولم تبين صفاتها فبينها بفعله وأخبر بقوله: أن ذلك الفعل بيان، وكذا قوله «خذوا عني مناسككم» وحكم هذا القسم وجوب الاتباع انتهى. محل الغرض منه.
وأشار في مراقي السعود: إلى أن فعله صلى الله عليه وسلم الواقع لبيان مجمل من كتاب الله إن كان المبين بصيغة اسم المفعول واجبًا فالفعل المبين له بصيغة اسم الفاعل واجب بقوله:
من غير تخصيص وبالنص يرى ** وبالبيان وامتثال ظهرا

ومحل الشاهد منه قوله: وبالبيان يعني: أنه يعرف حكم فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم من الوجوب أو غيره بالبيان، فإذا بين أمرًا واجبًا: كالصلاة والحج، وقطع السارق بالفعل، فهذا الفعل واجب إجماعًا لوقوعه بيانًا لواجب، إلا ما أخرجه دليل خاص، وبهذا تعلم أن الله تعالى أوجب طواف الركن بقوله: {وَلْيَطَّوَّفُواْ بالبيت العتيق} [الحج: 29] وقد بينه صلى الله عليه وسلم بفعله وقال «خذوا عني مناسككم» ومن فعله الذي بينه به: الوضوء له كما ثبت في الصحيحين، فعلينا أن نأخذه عنه إلا بدليل، ولم يرد دليل يخالف ما ذكرنا.
ومن أدلتهم على اشتراط الطهارة من الحدث للطواف: ما أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، قال البخاري رحمه الله في كتاب الحيض: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: خرجنا مع النَّبي صلى الله عليه وسلم، لا نذكر إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت الحديث. وفيه «فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» انتهى منه.
وأخرج مسلم في صحيحه حديث عائشة هذا بإسنادين عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عنهما بلفظ «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» وفي لفظ لمسلم عنها «فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي» قالوا: فهذا الحديث المتفق عليه صرح فيه النَّبي صلى الله عليه وسلم بنهي عائشة رضي الله عنها عن الطواف إلى غاية هي الطهارة لقوله «حتى تطهري» عند الشيخين و«حتى تغتسلي» عند مسلم ومنع الطواف في حالة الحدث، الذي هو الحيض إلى غاية الطهارة من جنابته: يدل مسلك الإيماء، والتنبيه على أن علة منعها من الطواف، هو الحدث الذي هو الحيض، فيفهم منه اشتراط الطهارة من الجنابة، للطواف كما ترى.
فإِن قيل: يجوز أن تكون علة النهي عن طوافها، وهي حائض، أن الحائض لا تدخل المسجد.
فالجواب: أن نص الحديث يأبى هذا التعليل، لأنه صلى الله عليه وسلم قال «حتى تطهري حتى تغتسلي» ولو كان المراد ما ذكر لقال: حتى ينقطع عنك الدم.
قال النووي في شرح المهذب: فإن قيل: إنما نهاها، لأن الحائض لا تدخل المسجد.
قلنا: هذا فاسد لأنه صلى الله عليه وسلم قال «حتى تغتسلي» ولم يقل حتى ينقطع دمك، وهو ظاهر.
ومن أدلة الجمهور على اشتراط الطهارة في الطواف: ما جاء عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الطواف بالبيت صلاة» الحديث. قال الزيلعي في نصب الراية: رواه ابن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث من حديث فضيل بن عياض، والحاكم في المستدرك من حديث سفيان كلاهما عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله قد أحل فيه النطق فمن نطق فيه لا ينطق إلا بخير» انتهى. وسكت الحاكم عنه وأخرجه الترمذي في كتابه عن جرير، عن عطاء بن السائب به بلفظ «الطواف بالبيت مثل الصلاة» قال: وقد روي هذا الحديث عن ابن طاوس وغيره، عن طاوس موقوفًا ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن السائب. وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة بسنده ثم قال: وهذا حديث قد رفعه عطاء بن السائب في رواية جماعة عنه وروي عنه موقوفًا، وهو أصح انتهى. وقال الشيخ تقي الدين في الإمام: هذا الحديث روي مرفوعًا، وموقوفًا أما المرفوع فله ثلاثة أوجه:
أحدها: رواية عطاء بن السائب رواها عنه جرير، وفضيل بن عياض، وموسى بن أعين، وسفيان أخرجها كلها البيهقي.
الوجه الثاني: رواية ليث بن أبي سليم رواها عنه موسى بن أعين، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعًا باللفظ المذكور، أخرجها البيهقي في سننه، والطبراني في معجمه.
الوجه الثالث: رواية الباغندي، عن أبيه، عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعًا نحوه رواه البيهقي أيضًا. فأما طريق عطاء فإن عطاء من الثقات، لَكِنه اختلط بأخرة قال ابن معين: من سمع منه قديمًا فهو صحيح ومن سمع منه حديثا، فليس بشيء، وجميع من روى عنه روى عنه في الاختلاط إلا شعبة. وسفيان، وما سمع منه جرير وغيره، فليس من صحيح حديثه. وأما طريق ليث، فليث رجل صالح صدوق يستضعف. قال ابن معين: ليث بن أبي سليم ضعيف مثل عطاء بن السائب، وقد أخرج له مسلم في المتابعات، وقد يقال: لعل اجتماعه مع عطاء يقوي رفع الحديث، وأما طريق الباغندي، فإن البيهقي لما ذكرها قال ولم يضع الباغندي شيئًا في رفعه لهذه الرواية. فقد رواه ابن جريج، وأبو عوانة عن إبراهيم بن ميسرة موقوفًا انتهى من نصب الراية للزيلعي. ثم قال أيضًا: حديث آخر رواه الطبراني في معجمع الأوسط: حدثنا محمد بن أبان، ثنا أحمد بن ثابت الجحدري، ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، ثنا سفيان، عن حنظلة، عن طاوس: عن ابن عمر لا نعلمه إلا عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطواف صلاة فأقلوا فيه الكلام». انتهى منه.